Wednesday 2 January 2013


عبد الرحمن الشرقاوی وعبقریتہ
المبدع منحاز دوما.. يشغله انحيازه.. ويشغلنا نحن أين تتجه (بوصلة) انحيازه.. فالمبدع الحقيقى -صاحب الرسالة والقضية ينحاز إلى قيم العدل والخير والجمال. يقف على يسار السلطة، يصنع من كلماته شموسا تضىء دروب الظلمة أمام الجموع. وهكذا كان العملاق الكبير عبد الرحمن الشرقاوى مبدعا من طراز فريد، يؤمن برسالته ويدافع عن قضيته التى كانت وما زالت قضية الغالبية الساحقة فى كل العالم وهى (كيف تتحقق العدالة؟) العدالة فى كل صورها وتجلياتها، ورغم التطور الفكرى عند الشرقاوى بداية من الماركسية وانتهاءً بالصوفية المستنيرة، إلا أنه كان فى كل مراحله الفكرية مبشرا بالعدالة ومدافعاً عن المظلومين وقد تحولت هذه الفكرة الأساسية إلى (عمود فقرى ) فى كل أعمال الشرقاوى ذلك المبدع الموسوعى الذى كتب الشعر والقصة والرواية والمسرحية الشعرية والدراسات الإسلامية وقد استطاعت بصمات النشأة أن تنطبع على جينات الإبداع لدى الشرقاوى لتجعل منه ذلك المبدع النبيل- حيث نشأ فى قرية (مناضلة) هى الدلاتون مركز شبين الكوم بالمنوفية.. ومنذ وعى الحياة فى نهاية العشرينيات من القرن الماضى (ولد فى 10 نوفمبر 1920) كان يرى المظاهرات تنفجر من القرية وتخرج إلى شاطئ النيل (ببحر شبين).. الفلاحون يحملون الفؤوس ويهتفون بقوة وبسالة.. يحيا العدل.. وتحيا مصر حرة.. يحيا الاستقلال التام.. يسقط الإنجليز - يحيا الوطن.

وكان الطفل عبد الرحمن الشرقاوى يخرج مع أطفال القرية ويسيرون خلف هذه المظاهرات ويرددون بحماس نفس الهتافات ورغم أنهم أطفال لا يدركون من هو هذا العدو إلا أنهم كانوا يعرفون أنه شىء فظيع من كثرة ما رأوا وعرفوا عن الفلاحين الذين يساقون إلى سجون المدينة لأنهم - مثلا - رفضوا أن يعطوا أصواتهم فى الانتخابات لممثل حكومة الإنجليز أو الحزب الذى يخدم أهدافها. كما كان الشرقاوى ورفاقه من الأطفال يرون آباءهم وأقاربهم يعملون طوال النهار تحت الشمس المحرقة أو البرد القارص وحصادهم فى النهاية لا يكفى قوت يومهم، كما عايشوا الثلاثى المرعب الفقر والجهل والمرض وهو يقتل الغلابة بلا رحمة أو شفقة..


وقد أتم الشرقاوى تعليمه الأولى فى مدرسة القرية ثم انتقل إلى القاهرة ليلتحق بمدرسة (المحمدية) الابتدائية وكان وعيه قد تفتح وعرف أن العدو الذى كانت المظاهرات تخرج ضده فى القرية هو الاحتلال الإنجليزى.. وعندما جاء الشرقاوى إلى القاهرة اصطدم مباشرة بهذا العدو فى مظاهرات الطلبة خلال بداية الثلاثينيات وتحديدا عام 1932 عندما خرجت مدرسة الخديوية فى مظاهرة تهتف بالاستقلال التام والحرية والدستور وسقوط الإنجليز.. وطافت المظاهرة بمدارس الحى لتخرج طلبتها ومن ضمنها مدرسة المحمدية وسارت جموع الطلبة إلى دار المندوب السامى الإنجليزى وفى ميدان الحلمية سد الإنجليز كل الطرق وأطلقوا الرصاص على الطلبة وسقط كثير من الصغار تحت سنابك الخيل.. وقد تجسد هذا المشهد الدرامى بكل ما فيه من وحشية وظلم صارخ فى نفس الشرقاوى فصمم على أن تكون الحياة مقاومة مستمرة ونضالاً فى سبيل العدل والحرية لسحق هذا الظلم وتلك الهمجية.


وانتقل الشرقاوى إلى الخديوية الثانوية وتكررت نفس المشاهد فى سنة 1935 بدرجة أعنف؛ حيث تساقط الطلبة برصاص الإنجليز وانفتحت بيوت المصريين وخرجت النساء مكشوفات الوجوه (رغم وجود الحجاب فى ذلك الوقت) ليحمين الطلبة داخل البيوت.. وتعمق فى وجدان الفتى الإحساس بالغضب والقهر حيث رأى الإنسان ينتهك ويلقى حتفه تحت سنابك الخيل ويمزقه الرصاص لأنه يطالب بحقه فى العدل والحرية. وتفجرت فى نفس الشرقاوى كل عوامل الثورة على ذلك الواقع البغيض وقرر أن يقاتل بالكلمة لكى ينتصر العدل وتسود الحرية ويأتى الزمن الذى لا تنتهك فيه كرامة الإنسان المصرى.. ولم يكن قرار الشرقاوى باتخاذ الكلمة سلاحا وليد انفعال لحظى ولكنه كان نتيجة طبيعية لرحلته مع القراءة والكلمة تلك الرحلة التى بدأت فى سن مبكرة فبعد أن تعلم القراءة والكتابة في مدرسة القرية كان يصغى فى ليالى الأفراح إلى (الشاعر) وهو يغنى السير الشعبية وقد هزته بعنف سيرة عنترة بن شداد ربما لأنه الفارس الذى حارب طويلا من أجل العدل والحرية وظل الفتى يستمع إلى تلك السير الشعبية عنترة - سيف بن ذى يزن - أبو زيد الهلالى - إلخ..إلى أن وقع فى يده كتاب أصفر قديم هو (تاريخ الجبرتى) والذى يقدم الحياة المصرية فى يوميات ولفت نظر الفتى الصغير أن الكتاب يزخر بقصص الرجال والنساء من البسطاء والغلابة ويقدم كفاحهم اليومى ضد الظلم وقسوة الحكام وضد السلب والخوف.. وربط الفتى بين ما يحويه الكتاب من تاريخ وبين ما يراه من واقع مماثل حيث يقاتل الفلاحون البسطاء المحتل الإنجليزى.. وتحول كتاب الجبرتى إلى مدرسة تعلم فيها الشرقاوى أن الشعب المصرى - بكل بساطته - يملك القدرة الخلاقة التى تجعله قادراً على أن يصنع تاريخه بيديه وأن يحطم كل أشكال استغلال الإنسان للإنسان كما تحول الواقع الذى يعيشه الشرقاوى مع كفاح الفلاحين إلى مدرسة أخرى تعلم فيها أن هذا الفلاح الفقير يملك من طاقات المقاومة ما يمكنه من أن يصوغ لنفسه المستقبل الذي يحلم به، كما تعلم أن دور الكلمة أن تصوغ فى الإنسان وجدانه الذى يمكنه من السيطرة على مصيره ليصنع العالم الذى يحلم به.


وقد رسب هذا التلاقى بين التاريخ الذى قرأه الشرقاوى مع الواقع الذى يعيشه ضرورة أن تتفاعل الثقافة والواقع وأن يلتحم الفكر والحياة. كما اكتشف أن خلاصة التجربة الإنسانية التى يعكسها قادة الفكر بكلماتهم كانت متجسدة فى كفاح الفلاحين بقريته دون أن يقرأوا لهؤلاء المفكرين..


المهم أن الشرقاوى خرج من تجربة معايشة كفاح البسطاء فى قريته بإحساس متزايد بكراهية الظلم وحب العدل وضرورة الكفاح فى سبيل الحرية. كما تطورت رحلته مع الكلمة التى بدأها بأغانى الفلاحين والمواويل الشعبية التى ساهمت فى تشكيل وجدانه وأسلمته إلى الجبرتى لتصبح سياحة فى شتى مجالات المعرفة، بدأت بالتعرف على الأدب العربى أولا من خلال طه حسين والعقاد ومحمد حسين هيكل والمازنى ثم توفيق الحكيم كما راح يتعرف على الأدب الأجنبى من خلال ترجمات المنفلوطى ثم مترجمات أحمد حسن الزيات ومحمد عوض محمد ومترجمات مطران لشكسبير وترجمات الروايات والقصص العلمية التى كان يقدمها محمد السباعى وعباس حافظ ثم الشعر الأجنبى الذى كان يقدمه العقاد ثم ما ترجمه سليم حسن عن الأدب المصرى القديم كما تعرف الشرقاوى على مسرح شوقى من خلال القراءة والمسرح وتأثر كثيرا بهذه المسرحيات؛ مما دفعه إلى دراسة الشعر العربى القديم فحفظ المعلقات وأراجيز العرب وأجزاء كاملة من ديوان الحماسة وأشعار المتنبى وأبى تمام وابن الرومى والمعرى... ويلخص الشرقاوى أهم محطات ومراحل تكوينه الفكرى والأدبى فيقول (قرأت القرآن وتفاسيره ورأيت فيه استجابة لأشواق الإنسان إلى العدل ولعنة شديدة على الظلم.. وأول ما أحببته من القراءة شعر الشعراء الصعاليك العرب وعندما درست اللغات الأجنبية أحببت الشعراء الصعاليك الأجانب لأن أدب الصعاليك يمثل صرخة احتجاج على الظلم وتمرداً على الأوضاع الجائرة. كما استهوانى الفكر الإنسانى الذى يتحدث عن قضايا حق الإنسان فى ممارسة العدل وأن يحيا سعادته وأن يحقق بعمله كل أحلامه وأن يمنحه المجتمع الحب والفضائل.


وفى الفكر العربى استهوانى الثوار من أيام على بن أبى طالب أولئك الذين كان لديهم الطموح فى أن يحولوا الدنيا إلى جنة للحب والإخاء وأن يجعلوا شرف الإنسان أقوى من كل شىء وأن يرتفعوا فوق الطمع والخوف.. وفى هذا الإطار أيضا بهرنى فكر المعتزلة والمتصوفة وشخصية الحسين وشعر المعرى والمتنبى - وثوريات طه حسين واقتحامات توفيق الحكيم وتفتح إسماعيل أدهم وإسماعيل مظهر وكتابات سلامة موسى عن الاشتراكية والأدب ونظريات محمد مندور المتطورة فى نقد الشعر. أما فى الفكر الأجنبى فقد استهوانى ماركس وكتابات لينين وتمرد فرانسوا فيون وصلابة فيكتور هوجو وتمرد شكسبير وأحلام الرومانتيكيين بيرون - شيللى - بلزاك - ديكنز - شو - توماس مان.. كما بهرتنى كتابات بوشكين - دوستوفيسكى - تولستوى - تشيكوف - جوركى - أراجون - هيمنجواى - لوركا.. وهناك من المفكرين والأدباء من يدفعك إلى اتخاذ موقف آخر مثل جويس - إليوت - سارتر - كامى).


وقد خرج الشرقاوى من هذه الرحلة المثيرة فى عوالم الفكر والأدب بنتيجة تؤكد على أن التكوين الفكرى للإنسان يأتى من القراءة والحياة معا.. أما التكوين اللغوى فيأتى من القراءة وحدها والأهم أن واقع حياتنا وممارستنا لهذا الواقع ومحاولة صياغته من جديد هى الأشياء التى تصوغ لنا الفكر والقيم..


كما خرج الشرقاوى من رحلته المثيرة فى عوالم الفكر والأدب بتأكيد فكرته المحورية التى اكتسبها من مقاومة الفلاحين ومظاهرات الطلبة وهى ضرورة تحقيق (العدالة). تلك الفكرة التى حددت توجهاته السياسية حيث بدأ رحلته مع السياسة ماركسيا وذلك انطلاقا من مبادئ الاشتراكية والعدالة التى جاء بها ماركس وانضم الشرقاوى إلى المنظمات الشيوعية المصرية وانضوى لفترة قصيرة تحت لواء (حدتو) ثم قرر مبكرا أن يكون مستقلا فخرج من كل التنظيمات والمنظمات وإن ظل طوال الوقت يساريا تقدميا يقف دوما على يسار السلطة يدافع عن الغلابة والمظلومين. ثم اكتشف الشرقاوى أن الفكر الإسلامى يؤكد فكرة العدالة ويجعل منها (فريضة) فكان الفكر الإسلامى (المرفأ الأخير) الذى رست عليه المركب الفكرية للشرقاوى فانطلق إلى آفاق رحبة من الفكر والإبداع جسدته دراساته الإسلامية العبقرية والتى تحتل ركنا شديد الأهمية من مكتبة الفكر والإبداع العربى.


وبعد أن توقفنا عند أهم الملامح الإنسانية والفكرية والسياسية لدى عبد الرحمن الشرقاوي نتوقف عند أهم ملامح تجربته الإبداعية التى بدأت فى عام 1935 بكتابة الشعر التقليدى ثم أصبح واحدا من أهم رواد التجديد فى الشعر العربى حيث كان من أوائل من كتبوا شعر التفعيلة فى نهاية الأربعينيات وتوج هذا التجديد بقصيدته الرائعة والشهيرة (من أب مصرى إلى الرئيس ترومان) والتى كتبها عام 1950 وبعد أن كتب الشرقاوى الشعر فى سن مبكرة اكتشف عوالم أخرى وتأكد من أن القصيدة وحدها لا تستطيع أن تعبر عن مثل هذه العوالم والعلاقات المتشابكة بين الأشخاص بعضهم البعض وبين الأشخاص والحياة من خلال التفاعل المتطور بين الإنسان وواقعه فعبر عن كل هذا بكتابة القصة وله فى هذا المجال مجموعتان قصصيتان، الأولى (أرض المعركة) وصدرت عام 1954 والثانية (أحلام صغيرة) وصدرت عام 1957، ثم اكتشف الشرقاوى فى الرواية مجالا أرحب من القصة فكتب رواياته : الأرض - الشوارع الخلفية - الفلاح - قلوب خالية، وأصبح أبرز من تناول مأساة القرية المصرية حيث تكشف رواياته عن الصراع بين الفلاحين وصغار الملاك مع الإقطاعيين والانتهازيين ذوى النفوذ ومدى تضامن أهل القرية فى هذا الصراع. وتعد روايته (الأرض) درة الرواية الواقعية فى الأدب العربى وقد تحولت إلى واحد من أنجح وأهم أفلام السينما المصرية أخرجه يوسف شاهين.


وبعد أن تنقل الشرقاوى ما بين الشعر والقصة والرواية وجد أنه بحاجة إلى وسيط للتعبير يجمع بين القصيدة بتكثيفها وتركيزها ونبضها وبين الرواية بسعتها وتناولها للعلاقات وقدرتها على النفاذ إلى الأعماق وتصوير تدفق الحياة فكانت المسرحية الشعرية شكلا مناسبا عن هذه العوالم. وبدأ الشرقاوى رحلته مع المسرح الشعرى عام 1953 بمسرحية لم تأخذ حظها من الشهرة والذيوع بعنوان (الأسير) عن تجربة أسر شعب مصر لملك فرنسا لويس التاسع.. وتؤكد المسرحية قدرة الشعب المصرى على قهر الغزو الأجنبى حتى فى حالات الانفصال بين الشعب وقادته. ثم كانت مسرحيته الثانية (مأساة جميلة) عام 1959 تخليدا لملحمة الكفاح الجزائرى من أجل الاستقلال ولم تعرض هذه المسرحية إلا فى عام 1962، ثم كانت مسرحية (الفتى مهران) عام 1963 والتى تقدم مأساة بطل يريد أن يمارس حقه فى الاختيار ومأساة بشر يريدون أن يعيشوا مجتمعا عادلا. وبعد هزيمة 1967 كتب الشرقاوى مسرحية مهمة لم تأخذ حقها من الشهرة والذيوع بعنوان (تمثال الحرية) يندد فيها بالاستعمار الأمريكى وخداعه للدول النامية بشعارات الحرية. ومثل هذه المسرحية المهمة هل تجد من يخرجها من الأضابير ليقدمها للناس لعلها تساهم فى (إفاقة العرب) بعد أن وصل خداع أمريكا بوهم الحرية إلى ذروته بعد اجتياح العراق واحتلال أراضيه.


وواصل الشرقاوي سيرته مع المسرح الشعرى فكتب «الحسين ثائراً» و«الحسين شهيدا» عام 1968 وفى هاتين المسرحيتين يعلى الشرقاوى من قيمة الاستشهاد دفاعا عن القيم الفاضلة حيث كان الإمام الحسين يؤمن بأن الموت دفاعا عن الحق خير من حياة مذعنة للباطل، ويقول الشرقاوى على لسان الحسين «طوبى لمن يعطى الحياة قيمة أغلى عليه من الحياة». أما مسرحيته الأخيرة فكانت «وطنى عكا» وفيها يخلد كفاح الفلسطينيين فى سبيل الحرية والعدل تحت ظروف صعبة من القهر والتزييف والخديعة ويتسم أبطال كل هذه المسرحيات بالإحساس بالمسئولية إزاء المجتمع والعصر مع الإدراك الشمولى للعيوب والشعور الوجدانى والفكرى الذى يبلغ درجة أعلى من الوعى بما يجب عمله.


وبعد أن طوف الشرقاوى مبدعا فى كافة حدائق الإبداع بلغ ذروة النضج الإنسانى والفكرى فجاءت دراساته الإسلامية قمة فى الإبداع وشمولية الرؤية والقدرة على تقديم الصورة المستنيرة للإسلام من خلال تقديم السيرة الذاتية لمجموعة من قادة الإسلام الأوائل يأتى فى مقدمتهم «محمد صلى الله عليه وسلم» وتوالت هذه الدراسات «محمد رسول الحرية - أبو بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين - الفاروق عمر - على إمام المتقين - الإمام الشافعى - أئمة الفقه التسعة - ابن تيمية.


وتقف دراسات الشرقاوى على قدم المساواة مع عبقريات العقاد الخالدة عن نفس هذه الشخصيات.. وبالطبع توجد العديد من الفروق بين عبقريات العقاد ودراسات الشرقاوى أهمها (بوصلة الفكر) حيث ظل الشرقاوى حتى النهاية اشتراكى النزعة رغم استنارته الإسلامية وكأنه يتمثل شعر أمير الشعراء شوقى فى مدح النبى عليه الصلاة والسلام عندما قال (الاشتراكيون أنت إمامهم.... لولا دعاوى القوم والغلواء) ورغم الخلافات ما بين العقاد والشرقاوى فى طريقة تناولهما لهذه القمم الإسلامية إلا أنهما ينطلقان من قيم واحدة ويؤكدان على هدف واحد وهو أن الإعجاز فى هذه الشخصيات العملاقة وفى مقدمتهم الرسول عليه الصلاة والسلام ينبع من بشريتهم حيث يضع الشرقاوى على غلاف كتاب محمد رسول الحرية هذا الجزء الموحى من القرآن الكريم والذى يقول «إنما أنا بشر مثلكم» وتنبع أهمية مثل هذا التوجه فى أن هذه الكتب يقرؤها المسلم وغير المسلم ويقتنع كلاهما بما تؤكده هذه الدراسات من عظمة الإسلام ورسوله الكريم وقادته الكبار ونعتقد أن ترجمة مثل هذه الكتابات في الوقت الراهن إلى كل لغات العالم سوف يعمل على إظهار الوجه المضىء للإسلام دين المحبة والسلام.


وفى النهاية لم يتبق لنا فى هذه الوقفة السريعة مع شخصية الشرقاوى الموسوعية مترامية الأطراف إلا أن نتوقف عند بعض (المناصب) التى تولاها حيث عمل بعد حصوله على ليسانس الحقوق مفتشا للتحقيقات بوزارة التربية والتعليم ثم ترك العمل الحكومى وتفرغ للكتابة وتدرج فى العمل الصحفى حتى أصبح رئيسا لمجلس إدارة روزا اليوسف عام 1971.. ثم رئيسا لجمعية حقوق الإنسان ورئيسا لمنظمة تضامن الشعوب الأفروآسيوية ورئيسا للمركز المصرى للهيئة العالمية للمسرح ورئيسا للجنة العليا للرقابة على المصنفات الفنية وسكرتيرا عاما للمجلس الأعلى للفنون والآداب بدرجة وزير وعضوا فى لجنة تحكيم أكبر جوائز منظمة اليونسكو. ومن المؤكد أن كل هذه الوظائف والمناصب الإدارية وفي العمل العام قد أثرت سلبا على الشرقاوى ( المبدع ) ، ورغم هذا كان وسيظل بصمة مصرية شديدة التميز ، وصوتاً إنسانياً نبيلاً ناضل طويلاً من أجل الحرية والعدالة .
ولد عبد الرحمن الشرقاوي في قرية الدلاتون بالمنوفية عام 1920. اعتقل عدة مرات أثناء دراستيه الثانوية والجامعية بسبب نشاطه السياسي قبل الثورة وطورد بسبب رواية "الأرض" بعد الثورة. تخرج من كلية الحقوق وعمل محاميا لفترة قصيرة ثم تفرغ للصحافة والأدب، فكتب الرواية والقصة والمسرحية الشعرية والسيرة. وحصل على جائزة الدولة التقديرية عام 1974. ومُنح وسام الجمهورية للفنون من الدرجة الأولى عام 1975. وتوفي عام 1978. ومن أهم رواياته: "الأرض" و"الشوارع الخلفية". ومن أهم مسرحياته "مأساة جميلة" و"الفتى مهران" و"الحسين شهيدًا". ومن أهم السير والتراجم: "محمد رسول الحرية" و"ابن تيمية الفقيه المعذب" و"أئمة الفقه التسعة".

وتعتبر هذه الرواية الإلكترونية "الشوارع الخلفية" من أهم أعماله التي تصور لنا في لوحات نابضة كل ما كان يموج به الواقع المصري من انتفاضات وتيارات في أواخر الثلاثينيات وأوائل الأربعينيات.

اليوم السابع | «صوت القاهرة» تقاضى أسرة «الشرقاوى» بتهمة بيع «الشوارع الخلفية» مرتين

اليوم السابع | «صوت القاهرة» تقاضى أسرة «الشرقاوى» بتهمة بيع «الشوارع الخلفية» مرتين